دراسة اقتصادية للتغيرات المناخية وآثارها على التنمية المستدامة في مصر

دراسة اقتصادية للتغيرات المناخية وآثارها على التنمية المستدامة في مصر


ا. د/ محمود محمد فواز … أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد الزراعي،  كلية الزراعة، جامعة كفر الشيخ.  

    د/ سرحان احمد عبد اللطيف سليمان… معهد بحوث الاقتصاد الزراعي،  مركز البحوث الزراعية.  


جهة النشر:

المجلة المصرية للاقتصاد الزراعي، المجلد الخامس والعشرون، العدد الثالث، سبتمبر 2015.


كيفية كتابة البحث كمرجع: محمود محمد فواز (دكتور)، سرحان احمد سليمان (دكتور): دراسة اقتصادية للتغيرات المناخية وآثارها على التنمية المستدامة في مصر، المجلة المصرية للاقتصاد الزراعي، المجلد الخامس والعشرون، العدد الثالث، سبتمبر 2015.


ABSTRACT

تعتبر ظاهرة التغيرات المناخية ظاهرة عالمية (Global Phenomenon) إلا أن تأثيراتها محلية، أي تختلف من مكان الى مكان على سطح الكرة الأرضية نظراً لطبيعة وحساسية النظم البيئية في كل منطقة. ولا شك ان ظاهرة التغير المناخي اضحت أحد القضايا المطروحة دائما على المستوى العالمي، في ظل ما يمكن أن يترتب عليها من تغيرات خطيرة تهدد مستقبل الإنسان على الأرض. فقد أشارت إحدى الدراسات الصادرة عن المنظمة الدولية للأرصاد الجوية إلى ارتفاع في متوسط درجات الحرارة عالمياً بنحو أربع درجات مئوية بحلول عام 2060، ومن المحتمل أن يؤدي هذا الارتفاع السريع إلى تهديد استقرار العالم من خلال تعطيل إمدادات الغذاء والماء في أجزاء كثيرة من العالم، وبصفة خاصة في قارة افريقيا. وتعتبر المفاوضات التي تتم تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ نقطة تحول هامة بالاتفاق العالمي بشأن المناخ بعد عام 2020، والذي من المقرر أن يتم في باريس في ديسمبر 2015، بهدف العمل على ضمان عدم تهديد إنتاج الغذاء في العالم(19). كما يشير التقرير الذي نشرته اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغيرات المناخ التابعة للأمم المتحدة (Intergovernmental Panel on Climate Change-IPCC) في عام 2007 الى أن التغير في المناخ العالمي الناتج عن النشاط الإنساني قد بدأ فعلا وأن استمرار هذا التغير واحتمالات أن استجابة المجتمع الدولي له لن تكون سريعة – مما يجعل من تغير المناخ أكثر خطورة في المستقبل عما هو مقدر الأن، وتوقع التقرير مزيدا من الفيضانات والاعاصير القوية وارتفاع منسوب مياه البحار بما يصل إلى نحو 59 سنتيمترا خلال القرن الحالي، ويتوقع “معهد مراقبة العالم” Worldwatch Institute)) في تقريره عام 2007 أن 33 مدينة حول العالم ذات معدلات سكانية تصل الى قرابة 8 مليون نسمة، ستصبح مهددة بسبب ارتفاع مستويات البحار في عام 2015، من بينها 21 مدينة هي الأكثر عرضة لخطر ارتفاع سطح البحر، ومن بين تلك المدن مدينة الإسكندرية في مصر، وبالرغم أن مصر تم تصنيفها على إنها واحدة من خمس دول على مستوى العالم هي اكثر الدول تعرضا للآثار السلبية للتغيرات المناخية سواء بارتفاع سطح البحر أو غرق أجزاء من الدلتا وما يعكسه كل ذلك من أضرار اجتماعية واقتصادية فإن قضية تغير المناخ لم تؤخذ بجدية بعد في مصر(20). وتشكل التغيرات المناخية إحدى اهم التهديدات للتنمية المستدامة على الدول الفقيرة أكثر منه على الدول الغنية، بالرغم من كونها لا تساهم بنسبة كبيرة من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، ويعود ذلك الى هشاشة اقتصاديات هذه الدول في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية للضغوط المتعددة التي تضاف الى قدرات تكيف ضعيفة من جهة أخرى، ولازالت العديد من اقتصاديات العالم تعتمد بصفة رئيسية على قطاعات رهينة بالظروف المناخية، كالزراعة والصيد البحري واستغلال الغابات وباقي الموارد الطبيعية والسياحة، حتى ان موارد الطاقة كالبترول وغيرها والتي تعتبر شريان الاقتصاد، هي معرضة وبشدة الى التأثر بسبب التغيرات المناخية، وتؤثر التغيرات المناخية على حياه الإنسان وقدرته على الاستمرار في الحياة، حيث أن تغير المناخ يشمل الأبعاد الأربعة للأمن الغذائي من توافر الغذاء، وقدرة الوصول إليه، وقدرة استخدامه، واستقراره، وبالمقياس الكَمي لتوافر الغذاء فإن زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الأجواء يُتوَقع أن تنعكس على انتاجية العديد من المحاصيل، ومن شأن تغير المناخ أن يزيد حدّة تقلبات الإنتاج الزراعي على امتداد جميع المناطق، مع التفاقم في تردد الأحداث المناخية الحادة، في حين ستتعرض أفقر المناطق إلى أعلى درجات عدم الاستقرار في الإنتاج الغذائي، ومن المقدَّر أن تواكِب أسعار المواد الغذائية الارتفاع المعتدل في درجات الحرارة بزياداتٍ طفيفة في عام 2050. ثم ستتبدّل الصورة نتيجة الزيادات اللاحقة في درجات الحرارة، مما سيترتب عليه تناقصُ محسوس في طاقة الإنتاج الزراعي لدى الُبلدان النامية، وفيما سيستتبع ارتفاعات أعلى في الأسعار. ومن ناحية اخرى، فإن تغيّر المناخ يحتمل أن ينطوي على تعديلات في ظروف مأمونّة المواد الغذائية وسلامتها مع تزايد ضغوط الأمراض المنقولة والوافدة عبر الحاضنات، والماء، وتلك المحمولة بواسطة الغذاء ذاته. وقد يترتب على ذلك هبوطٌ كبير في الإنتاجية الزراعية، وفي إنتاجية الأيدي العاملة وقد يفضي إلى تفاقم الفقر وزيادة معدلات الوفيات، ومن ملامح التغيرات المناخية التي تحدث في الوقت الراهن الجفاف الشديد الذي يجتاح بعض مناطق العالم والأمطار الغزيرة المسببة للفيضانات والسيول المدمرة في مناطق أخرى، والمسبب الرئيسي لهذه التغيرات يتمثل في الانبعاثات الكبيرة التي حدثت وتحدث والتي بدأت مع بداية الثورة الصناعية في أوروبا والمستمرة حتى الأن، الأمر الذى أدى إلى بروز ظاهرة الاحتباس الحرارى، وبالتالي حدوث تلك التغيرات المناخية العالمية، والتي هي أهم ملامحها هو زيادة ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي وبالتالي زيادة منسوب مستوى المياه في البحار والمحيطات الأمر الذى ينطوي على احتمال غرق أجزاء من العالم خاصة المناطق المنخفضة، ومصر ليست ببعيدة عن ذلك، فمثل تلك التغيرات المناخية سوف تؤثر على الموارد الطبيعية المتاحة، خاصة على موردين أساسين تتميز مصر بالندرة النسبية فيهما، وهما موردا الارض والمياه، الأمر الذى يؤدى إلى التأثير المباشر وبعيد المدى على قطاع الزراعة، وستؤثر تلك التغيرات المناخية على عرض الغذاء في العالم مما يقود إلى تصاعد أسعار الغذاء العالمية الأمر الذى يؤدى إلى زيادة فاتورة الغذاء المصرية، وبالتالي زيادة ضغوط على الموازنة العامة للدولة، وانكشاف مصر غذائيا للمخاطر الخارجية ، حيث تعتبر مصر مستوردا صافيا للغذاء(15). كما نشرت “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ” (IPCC) تقريرها التقييمي الخامس حول التغير المناخي، في نوفمبر عام 2014، وذكر أن “التدخل البشري في نظام المناخ واضح وان انبعاثات غازات الاحتباس الحراري هي في أعلى مستوياتها في تاريخ البشرية، وتعتبر المستويات المتزايدة لغازات الاحتباس الحراري “بشكل شديد الاحتمال” هي السبب الرئيسي للتغير المناخي، حيث ان الأنشطة البشرية تنتج نسبة كبيرة تصل إلى نحو 78٪ من غاز ثاني أكسيد الكربون من احتراق الوقود الحفري والاستخدامات الصناعية ونتيجة لذلك، يزيد حرارة الارض الأرض، وتتقلص الأغطية والأنهار الجليدية، ويرتفع منسوب البحر، وقد أثرت هذه التغيرات بشكل كبير على كلا النظامين البشري والطبيعي، كما ان الفترة (1983-2012) كانت أكثر دفئاً من أية فترة زمنية أخرى على الاطلاق، ومن المتوقع وفقاً لهذا التقرير استمرار انبعاثات غاز الاحتباس الحراري في الزيادة، ومن المحتمل أن يؤدي هذا بقوة إلى موجات حرارية أطول وأكثر تكراراً، وكذلك إلى زيادة وتكرار في غزارة المطر في الكثير من المناطق، وسيستمر منسوب البحر في الارتفاع وسيصبح المحيط أكثر حمضية، ومن المحتمل أن تتسبب هذه التغيرات في تأثير حاد وكبير على الأنظمة البيئية والأفراد، وسيكون التلف الناتج عن التغير المناخي أكبر بالنسبة للأفراد والمجتمعات الفقيرة في العالم، بالإضافة إلى ذلك، تواجه العديد من النباتات، الثدييات الصغيرة والكائنات البحرية خطورة الانقراض المتزايدة، كما انه لا يمكن إيقاف التغير المناخي إلا أنه يمكن الحد منه، وقد يحتاج هذا إلى تحقيق انخفاضات كبيرة ومستديمة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولتحقيق ذلك، يجب أن يغير الأفراد من أسلوب حياتهم بشكل ملحوظ – خلاف ما يتم بالفعل – وذلك لتقليل الاعتماد على أنواع الوقود الحفري، الذي يعد المصدر الرئيسي لغازات الاحتباس الحراري. من المتوقع أن تكون مصر احدى الدول الأكثر تضرراً من الآثار الناجمة عن تغير المناخ. وتشكل هذه الآثار ـ متمثلة في ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط سقوط الأمطار، وارتفاع مستويات مياه البحار، وازدياد تواتر الكوارث ذات الصلة بالمناخ ـ مخاطر على الزراعة والأرض الزراعية وإمدادات المياه والامن الغذائي، مما قد يسبب مشاكل وخسائر للإنتاج الزراعي والاقتصاد القومي، وبالتالي فإن قطاع الزراعة سيعاني من تبعات تقلبات درجات الحرارة وسقوط الأمطار ويلحق به خسائر كبيرة، وقد عانت مصر من آثار التغير المناخي خلال موجة الحر في عامي (2010، 2015)، فقد تضررت بشدة عدة مزارع تتركز في وادي النيل والدلتا، والمناطق الجديدة مما أدى إلى زيادة حادة في الأسعار. كما تأثرت الإنتاجية الزراعية بسبب ارتفاع درجات الحرارة. ومن المتوقع ان يصل إجمالي المساحة المنزرعة في مصر إلى نحو 11.5 مليون فدان، وانخفاض متوسط نصيب الفرد من الموارد الأرضية الزراعية في مصر بنحو 3.7٪ بحلول عام 2030، بالمقارنة بنظيره في عام 2011، وأن هناك احتمال فقد ما بين نحو 12٪، 15٪ من مساحة الأراضي الزراعية عالية الجودة في الإنتاج في منطقة الدلتا نتيجة للغرق أو التملح مع ارتفاع منسوب سطح البحر بحوالي نصف متر فقط، مما سيكون له تأثير على الزراعة المصرية وكذا الامن الغذائي المصري الأهداف البحثية: يستهدف البحث بصفة رئيسية الوقوف على الاثار المتوقعة للتغيرات المناخية على كل من الأراضي الزراعية وانتاجية اهم المحاصيل الزراعية، وموارد المياه، وكذلك تستهدف البحث الوصول الى أفضل سيناريو للتوقعات المحتملة لتأثير التغيرات المناخية على المساحة المزروعة والمحصولية في عام 2030، في محاولة لمعرفة الاخطار التي ستلحق بالزراعة المصرية وكذا الامن الغذائي المصري، ومن ثم طرح الوسائل التي بإمكانها التغلب او تخفيف هذه الاثار. من ثم يسعى البحث الى تحقيق الأهداف الفرعية الاتية: 1- الوقوف على ظاهرة التغيرات المناخية وابعادها العالمية والمحلية. 2- الوقوف على اثار التغيرات المناخية على إنتاجية اهم المحاصيل الزراعية، والموارد الطبيعية. 3- السيناريوهات المتوقعة لتأثيرات التغيرات المناخية على المساحة المزروعة والمحصولية في مصر، والأساليب المقترحة لتقليل او التغلب على اثار التغيرات المناخية على بعض الجوانب المتعلقة بالقطاع الزراعي مثل الإنتاجية لاهم المحاصيل الزراعية بالإضافة الى دور الزراعة في التغلب على الظاهرة. 4- التعرف على الجهود الدولية والمحلية المبذولة لمواجهة اثار التغيرات المناخية.


تحميل البحث كاملا من على الرابط

دراسة اقتصادية للتغيرات المناخية وآثارها على التنمية المستدامة في مصر-بجهة النشر


نرحب بتعليقاتكم واستفساراتكم حول البحث

دكتور سرحان سليمان

Email: sarhansoliman@yahoo.com   Mobil: (+2) 012 258 208 77  


أضف تعليق